اشكالية التلاقي والافتراق (عبدو طراف)



عبدو طراف- منذ عودة الجنرال عون الى بيروت ظهر جليا ان حضوره والتيار الوطني الحر لم يكن عاملا مريحا لكل الطقم السياسي الحاكم منذ ال ٩٠ حتى ال ٢٠٠٥ الرافض لفكرة الاصلاح او الفاسد او المعتدي على الصلاحيات وعلى الدور المسيحي والمنفوخ الحجم

خاص التيار انتخابات ٢٠٠٥ فتواجه بحلف رباعي وخرج عون المحاصر منتصرا ومعه كتلة وازنة من النواب بنسبة تمثيل تخطت ال ٧٠ بالمئة من الشارع المسيحي مما دفع البطريرك الى قوله الشهير لقد اصبح لكل طائفة زعيمها لتبدأ معها مرحلة جديدة !! وكان اتفاق مار مخايل الذي كرس التلاقي بين التيار والحزب حول تفاهم من بنود ١٠ ما لبث ان تعمد التلاقي عند وقوع حرب تموز ٢٠٠٦ ليقف التيار ومنذ اللحظة الأولى الى جانب الحزب اللبناني بمواجهة العدو الاسرائيلي محتضنا للمجتمع النازح وظهيرا سياسيا للحزب في الداخل كما عند الدول عبر سفرائها ومبعوثيها ( ويكيليكس يشرح اكتر )
وكان انتصار آب ٢٠٠٦ وخطاب النصر واعلان السيد ان لعون دين حتى يوم القيامة
ثم مرحلة ٢٠٠٦ الى ٢٠٠٨ حين وقف التيار مساندا ومتظاهرا ومعتصم الى جانب الحزب وحلفائه بمواجهة حكومة السنيورة المبتورة التي ارادت التصرف طبيعيا رغم خروج الوزراء الشيعة منها وكأنه امر عادي فكان ضرب للميثاق وللتمثيل ناهيك عن التآمر على الحزب وعلى سلاح المقاومة . وكان حضور التيار الى جانب الحزب بمثابة معمودية نار ثانية بعد معمودية الحرب
وكانت الدوحة وانتخاب ميشال سليمان ( الافتراق الاول ) ومعه مرحلة جديدة من التنافر والتصارع عند تشكيل الحكومة وصراع هدفه الوحيد منع التيار من الحصول على ما يمثل وبالتالي منعه من ادخال النفس التغييري الى الحكومة او الادارة فوقف الحزب الى جانب العماد وعون والتيار ملتزما ببند الشراكة الوارد في التفاهم مساندا للتيار كممثل للمسيحيين عند تشكيل الحكومات او عند طرح تعيينات وغيرها وهذا امر يشهد له .…
اما عمليا حفلت يوميات العمل الحكومي بدايات حرج لدى الحزب عند اصطدام وزراء التيار شبه الدائم مع وزراء امل وهنا حاول الحزب الموائمة بين حفاظه على وحدة ساحته المذهبية وبين نيته الالتزام ببند الاصلاح .
ثم كانت انتخابات ٢٠٠٩ التي خاصها التيار موجها هجوم سياسي اعلامي ضخم وديني تجلى بخرق البطريرك الصمت الانتخابي والقائه عظة نبه عبرها المسيحيين من ان دعم لوائح عون هو دعم لولاية الفقيه ورغم ذلك خرجنا منتصرين من تلك الانتخابات ليعود معها انكار الحقوق عند تشكيل الحكومة ( النغمة الدائمة ) ما فيكن تسموا الوزراء وحدكن . نحن بدنا نسمي عنا وعنكن ….
وكان الشغور الرئاسي في ٢٠١٤ حيث وقف الحزب مساندا معاندا الى جانب العماد عون واحقيته بالرئاسة كونه الممثل لطائفته وكان التزام كامل بالشراكة والتمثيل يحسب للحزب وللسيد حسن قراره واصراره رغم معارضة الرئيس بري الرافض لوصول العماد عون لأحقية دور العماد عون كممثل لطائفته ضمن سيبة النظام الحالي
نجح العماد عون بخرق الحصار والعبور نحو تفاهم مع سعد الحريري ممثلا للسنة ومع سمير جعجع الممثل الثاني للمسيحيين في حينها وكان ما سمي بالتسوية الرئاسية ليصبح عون رئيسا للبلاد
الافتراق :
مثلت ولاية الرئيس عون حدا فاصلا بين الرغبة بالاصلاح وبين الواقع المرير الذي اصطدم به الرئيس والتيار بعد مرور حوالي سنيتن على الولاية
حيث بات واضحا ان التيار يواجه شبه وحيدا المنظومة نفسها التي عادت للتكتل ضده في الحكومة والمجلس والاعلام …. وهنا شعر التيار ان للحزب اولويات اخرى ابعد من الشراكة والحكم والداخل جعلته ينكفىء عن الوقوف الجدي الى جانب التيار في المعارك داخل الحكومة دعما لمشاريع الكهرباء او السدود التي اوقفها بري بالمباشر عبر وزير المالي الممثل لثنائية الحركة والحزب في الحكومة ( كلنا نتذكر المعركة التي خاضوها سوية لتثبيت قصة التوقيع الثالث عبر وزير المال ) ليتحول هذا التوقيع الى أداة التعطيل الجاهز دائما لضرب فكرة الاصلاح وضرب مشاريع التنمية كما كان بري جاهز دائما لضرب القوانين الاصلاحية داخل مجلس النواب عبر جارور التغييب للمشاريع او عبر لحان التمييع التي دفنت معظم مشاريع القوانين الاصلاحية
ثم كانت الثورة الكاذبة المخطوفة التي استعملت فيها المنظومة للإنقضاض على عهد الرئيس عون وتدميره … هرب الحريري من المواجهة وظهرت شراكة جعجع جعجع مع المنظومة التي كشرت عن انيابها الاعلامية القضائية المصرفية السياسية الدينية لتحول كل موبقات الحكم منذ ال ٩٠ بأتجاه عون في محاولة لتحميله كل ذلك #صمد_عون …
قاربت الولاية نهايتها وكانت انتخابات ال ٢٠٢٢ لتليها تسمية ميقاتي لتشكيل الحكومة وهنا افترق الحزب نهائيا عن التيار في الموضوع الداخلي ( التيار الرافض لوصول ميقاتي والمتوجس من هذه التسمية ) حاول شرح الحيثيات محذرا من الآتي ومن نوايا المنطومة المعروفة ولكن لم يلقى الصدى المطلوب
انتهت الولاية لتتأكد احقية هواجس التيار ان ميقاتي ومن خلفه يريدون العودة بالزمن الى ما قبل ال ٢٠٠٥ عبر ضرب كل ما تحقق من شراكة ومن تمثيل وهنا وقف الحزب الى جانب الفريق الآخر مكررا لازمة ان اولويات الحزب الخارجية اهم من جزئيات الوضع الداخلي
وبالتالي بشكل غير مباشر اهم من الشراكة فكان الاهتزاز السياسي لا بل الزلزال الذي ضرب التفاهم في صميمه ( شق الاصلاح والشراكة )
وتصرفت حكومة نجيب والثنائي كأنها حكومة كاملة المواصفات الدستورية فاجتمعت واصدرت مراسيم قاربت ال ١٥٠٠ مخالفة للدستور وقعها رئيس الحكومة وحده مختزلا بشخصه مجلس الوزراء كما موقع رئيس الجمهورية كما دور الوزير وكان آخرها القرار الفضيحة الذي اتخذته حكومة ضرب الدستور عبر تعيين رئيس اركان للجيش متجاوزا بشكل فاضح دور وزير الدفاع غطى الحزب هذا الامر ( تحت حجة غير مقبولة نهائيا بالنسبة للتيار ) مفادها نحن في حرب و لا صوت يعلو على صوت المعركة فأكمل ميقاتي المدعوم ضرب فكرة الشراكة وانهاء دور الرئيس كحامي للدستور وكممثل للمسيحيين في سيبة نظام الطائف السيء الذكر….
اليوم :
الواقع ان التيار التزم ولا يزال الشق المتعلق بحماية لبنان عبر وقوفه الدائم مع مبدأ احقية لبنان بمقاومة الاحتلال وثباته الدائم على العداء للمحتل ومغتصب الارض وهذا أساساً في صلب عقيدته وتفكيره ودوره منذ انطلاق فكر العماد عون
هذا لم يمنع التيار من مصارحة الحزب داخليا كما علنيا بعدم موافقته على خروج الصراع عن حدود الجغرافيا اللبنانية بنا قد يجلب خطر الحرب الكبرى الى لبنان وهنا ايضا كان افتراق جديد حول حرب بدأها الحزب بمقولة المساندة والاشغال كما قال السيد في اول خطاب له بعد ٧ تشرين واستكملها لاحقا بما سمي وحدة الساحات التي رفضها التيار رفضا قاطعا مؤكدا في الوقت ذاته وقوفه مع الفلسطينيين في حربهم وفي حقهم بأرضهم ودولتهم بمواجهة العدوان الدائم للمحتل الصهيوني
مما اضاف بندا خلافيا جديدا زاد من حدة الافتراق والتشنج الموجود اصلا بين الفريقين سياسيا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي …
ماذا يخبىء المستقبل للبنان عامة وللمسيحيين خاصة في ظل وجود اكتر من مليونين نازح سوري ونصف مليون لاجىء فلسطيني وفي ظل تعنت القوات والكتائب بعدم ملاقات التيار وغياب الكنيسة عن لعب دورها وكيف سيتمكن التيار من اختراق جبهة ضاربي الشراكة والدستور وهل من امكانية لتغيير ما في اسس الدستور او على الاقل اقرار قانون اللامركزية الادارية والمالية الموسعة ؟ هذا ما ستحمله الايام

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *