الصحف الإيرانية: كيف ستواجه الإدارة الأميركية الحراك الطلابي؟


ركزت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 28 نيسان 2024 على الآثار العالمية والإقليمية للتحولات التي أحدثتها آلة القتل الصهيوني المجرمة، حيث كتبت بعض الصحف عن وعي ثقافي على مستوى الدول لمواجهة القيم الغربية وكتبت صحف أخرى عن احتمال تصاعد الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة لتشكّل منعطفًا فيها، وكل ذلك في عين الواقع الميداني المرتبك لبايدن والذي لم يعد أمام كيانه إلا الانقلاب عليه.

تغيير الحدود الثقافية في العالم

كتب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي وعضو هيئة التدريس بجامعة طهران، الدكتور محمد مهدي إسماعيلي، اليوم في صحيفة “إيران”: “تتغير حدود العالم الثقافي بطريقة لا يمكن التنبؤ بها في عالم اليوم، وعلى الرغم من أن العديد من المحللين كانوا يعتقدون أن عملية العلمانية المتسارعة هي المستقبل الحتمي لجميع المجتمعات والثقافات التقليدية، إلا أن تغيرات البيئة الدولية وظهور متغيرات جديدة أظهرت أن هذا الرأي خاطئ تماما ولا يوجد مستقبل محتوم، لكن فعالية وإرادة الناشطين الثقافيين يتم بناؤها على مستويات مختلفة، ولهذا السبب، فإن التحول الذي كان على الناس، وفقا لسنن تاريخ العالم، أن ينتظروه لعقود ويتطلعوا إليه، قد أظهر الآن علاماته في وقت مبكر وفي وقت أبكر من أي وقت مضى.. استنادًا إلى تقييمنا الكلي للمستويات المختلفة لهذه التحولات والمتغيرات الناشئة حديثًا، حاولنا إعادة بناء الإستراتيجية الثقافية للجمهورية الإسلامية على المستويين الوطني والدولي، المستويات العابرة للحدود الوطنية، واستنادا إلى خريطة الطريق الخاصة بنا، دعونا نقوم بتحديث الثقافة وفقا لهذه التغييرات، وكان علينا أن نغير “المعادلة الثقافية الغربية” أولاً في المنطقة”.

وأضاف “بعد سنوات من التغريب في إيران الإسلامية، كان علينا إحياء مجالات “التفاهم الثقافي المتبادل” بين شركائنا الإقليميين، يدرك خبراء الثقافة جيدًا أنه لكي تنجح اليوم في الدبلوماسية الثقافية، يجب على الحكومة أن تمثل البنية الثقافية الأصيلة للمجتمع وتمثل روح الأمة.. إن إحياء التفاهم الثقافي المتبادل يتطلب إنشاء عملية متماسكة لتنفيذ البرامج التي خططنا لها منذ بداية الحكومة الشعبية والتي يمكن الآن قطف ثمارها وتقييم إنجازاتها. ولهذا فإن المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي بين وفود جمهورية إيران الإسلامية الرفيعة المستوى مع باكستان وسريلانكا هي مثال مهم يمكن اعتباره علامة على تصميم الجانبين على خلق معادلة جديدة في العالم الثقافي بحيث عزل “معادلة الثقافة الغربية” وخروج تحالفات مستقرة في مجال الحضارة المشتركة؛ تحالفات غير قابلة للكسر ولا تقوم على مصالح قصيرة المدى، بل على ركائز هوية مشتركة.. إن أحد التوجهات المهمة في الدبلوماسية الثقافية لحكومة إيران هو تصميم “دفاع ثقافي” ضد النظام الصهيوني، وهو ما سننفذه لأول مرة في تاريخ العلاقات الثقافية بين دول المنطقة. بالإضافة إلى زيادة القوة العسكرية، نقوم بتصميم هذا الدفاع الثقافي بالتعاون مع شركائنا حول العالم ضد النظام الصهيوني، وكانت إحدى النقاط الرئيسية لمفاوضات السيد رئيسي مع نظيره الباكستاني خلال رحلة الأسبوع الماضي هي تصميم سلسلة من الإجراءات الشاملة للدفاع عن فلسطين توصلنا إلى إطار قابل للتطبيق في هذا المجال. ونتيجة لذلك، ومع رحلة الدكتور رئيسي إلى منطقتين استراتيجيتين في غرب وجنوب آسيا، دخلت الدبلوماسية الثقافية للجمهورية الإسلامية مرحلة جديدة، ويعد “تصميم نظام ثقافي جديد” في المنطقة أحد إنجازاتها. نظام لم نشهده من قبل وبسببه ستشهد حدود العالم الثقافي تغيرات كبيرة”.

خطة بايدن لمواجهة الحراك الطلابي
كتبت صحيفة “وطن أمروز”: “تشكل الحركة الطلابية الداعمة للمقاومة الفلسطينية والمناهضة للجرائم الصهيونية في غزة، والتي تنشط في جميع أنحاء أمريكا هذه الأيام، إنذاراً خطيراً لمستقبل بايدن في عام الانتخابات الرئاسية، وتدرك الحكومة الأميركية جيدًا أنها بعد أن خسرت أصوات المسلمين، فإنها ستفقد الآن أصوات الشباب الأمريكي من خلال القمع الشديد للحركات الطلابية. إدارة بايدن، التي تقرر هذه الأيام نوع المواجهة مع دونالد ترامب في مجال المنافسة الانتخابية، تغتنم الفرصة لضمان أصوات اللوبي الصهيوني واليهود الأمريكيين بدعم حاسم 100% للكيان الصهيوني، ولن يسمح بهذا أن تذهب مجموعة من الناخبين إلى الحملة الانتخابية لترامب، لكن هذا الإجراء من المحتمل أن يتسبب في صغر قاعدة ناخبيه في المجتمع الأمريكي.

لقد أصبحت العيوب الاجتماعية في المجتمع الأمريكي -التي كانت موجودة دائما في تاريخ هذا البلد- أعمق بعد عام 2016 وتنصيب ترامب، والآن، وبعيدا عن قضية “السود والبيض”، فتح خطأ اجتماعي جديد يمكن أن يغير نتيجة الانتخابات بشكل كبير.. ورغم أن ترامب مهّد لتفعيل العيوب بكلماته وسياساته العنصرية، إلا أن بايدن حوّلها إلى براكين حقيقية، اعتبارًا من عام 2020، ظلت قضية الأسود والأبيض دون حل في المجتمع الأمريكي؛ ولا تزال أزمة المهاجرين مستمرة بقوة، كما أن مشكلة الفجوة الاقتصادية الناجمة عن إسراف إدارته في مجال السياسة الخارجية وإرسال أموال دافعي الضرائب الأمريكيين إلى أوكرانيا وإسرائيل وتايوان تتفاقم يوماً بعد يوم، والآن، ومع دعمه المخزي لجرائم الصهاينة في غزة، فتح ثغرة أخرى في هذا المجتمع، ويخشى أن تغمر حممه البركانية المجتمع الأمريكي بأكمله”.

وأضافت “إن الجيل الجديد من الشباب الأميركي الذين كانوا يدرسون في جامعات وكليات هذا البلد وسيكونون حاضرين في مناصب إدارية فيه، يواجهون الآن حكومة تفقد العديد من قيم هذا المجتمع.. حرية التعبير في الجامعات، والتي أتت ثمارها في الستينيات مع الحركة الطلابية وأدت في النهاية إلى تشكيل احتجاجات كبيرة ضد جرائم الولايات المتحدة في حرب فيتنام وانتهاك حقوق الإنسان داخل هذا البلد ضد مجتمع السود.. والسؤال المطروح الآن حول نتائج التحركات الأخيرة هو: هل يمكن للحركة الطلابية الأخيرة الداعمة لفلسطين، مثل الحركات الطلابية في الستينيات والسبعينيات أو حتى الحركة المناهضة للفصل العنصري في الثمانينيات، أن تكون لها نتيجة محددة؟ لتغيير السياسات في البيت الأبيض؟ هل يستطيع الطلاب الذين تمكنوا ذات يوم من تمرير مشاريع القوانين المتعلقة بالحقوق المدنية وحقوق التصويت للسود في الستينيات والسبعينيات في الكونجرس وإجبار رئيس الولايات المتحدة آنذاك على إنهاء الحرب والجريمة في فيتنام، هل يمكنهم الآن اتخاذ إجراء ثوري؟ النقطة المهمة في الانتصارات السابقة للحركات الطلابية هي ارتباطها بالحركات الاجتماعية الأخرى؛ حركات مثل حركة الحقوق المدنية السوداء، والحركات العمالية، وما إلى ذلك.. يمكن للحركات العمالية والحركات المناهضة للتمييز العنصري وحركة احتلوا وول ستريت القديمة، أو الحركات الأكثر نشاطًا مثل الحركات البيئية، أخيرًا، من خلال العمل معًا، أن تلفت انتباه جزء مهم من الرأي العام والسياسيين إلى قضية فلسطين وغزة، وبطبيعة الحال، تعلمت حكومة بايدن أيضًا تلقت دروسها الخاصة من تاريخ الحركات المدنية في أمريكا، وهي الآن تواجه الطلاب بحلول أحدث:

1-القمع المؤقت: الأداة الأولى لإدارة بايدن، والتي يشجعها أيضًا بعض رؤساء الجامعات ومحافظيها مثل حاكم ولاية تكساس جريج أبوت، هي محاولة قمع الحركات الطلابية مؤقتًا باستخدام العنف والاعتقالات الجماعية.

2- تحديد التهم الأمنية للمحتجين: الحل الثاني لحكومة بايدن – وبالطبع الكونجرس الأمريكي – هو تحديد التهم الأمنية للمتظاهرين، وهي نفس الإستراتيجية التي تم اتباعها مع المتهمين في حادثة 6 كانون الثاني/يناير، والتي أدت إلى صدور أحكام مشددة على المحتجين على نتائج الانتخابات.

3- خلق قضية للمتظاهرين: خلق قضية للمتظاهرين ومؤيديهم وإخراج المتطرفين من دائرة الأشخاص الناشطين في مجال السياسة وجلب المعتدلين إلى دوائر المجتمع السياسي الأمريكي التي لها تأثير أقل على السياسات، من بين الاستراتيجيات الأخرى التي استخدمتها إدارة بايدن لقمع الاحتجاجات.

4- تجنب المواجهة مع الطلاب المحتجين: حتى الآن لم يذهب إلى جامعة كولومبيا سوى مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الراديكالي والجمهوري، وتصدى للطلاب المحتجين، كما هددهم بالحرس الوطني الأمريكي.

كل هذه الحلول تظهر أن بايدن يحاول إنهاء هذه الأزمة بأقل قدر من الضجيج ومن ثم التفكير في حل للحصول على أصوات هؤلاء الطلاب في الأشهر القليلة المقبلة، وعلى هذا الأساس بدأت وسائل الإعلام الأمريكية إعلانات واسعة النطاق حول تنفيذ حكومة بايدن لخطة الإعفاء من القروض الطلابية. والآن علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى تهدئة الحركة الطلابية مقارنة بالتطورات الأخيرة في غزة، أم أن عمق الجرائم الصهيونية في فلسطين سيعيد الحركة الطلابية لعام 2024 إلى صدارة الحركات المؤثرة في امريكا”.
 

زلزال في الكيان الصهيوني
كتبت صحيفة “جام جم”: “تشير التطورات الراهنة في الأراضي المحتلة إلى أن المواجهة بين جيش الاحتلال الصهيوني وقوى المقاومة حماس والجهاد الإسلامي قد وصلت إلى نصف عام، ولم يتحقق أي من الأهداف التي حددها النظام الصهيوني، وما زال علينا الانتظار من أجل حدوث زلزال في البنية العسكرية والسياسية لإسرائيل، فإن النظام الصهيوني الغاصب أصبح الآن في وضع لم يتمكن فيه من تحقيق إنجاز استراتيجي في غزة، ولم تنته الصراعات. ولذلك يمكن أن نفهم جيداً أن الأرض تحت أقدام الصهاينة زلقة، وأن كل أعذارهم للوصول إلى القادة الفلسطينيين وتدميرهم في مستشفى الشفاء بغزة وخانيونس باءت بالفشل.. هذه الأيام، عندما يتم الحديث عن إجراء عمليات عسكرية في رفح، فإن ذلك سببه ارتباك بنيامين نتنياهو في مجال اتخاذ القرار، لأن رئيس وزراء الكيان الصهيوني على يقين تام أنه حتى لو تم تنفيذ عمليات عسكرية في رفح، لن يحقق أياً من أهدافه إلا قتل الناس العاديين والعزل ويبدو أن هدف نتنياهو الأساسي في مثل هذا الوضع هو مواصلة الحرب على أمل جرّ إيران وأميركا إلى ساحة المعركة. وبالإضافة إلى هذه المسألة، فإن مسؤولي النظام الصهيوني، الذين خاب أملهم في تحقيق النتيجة، فكروا هذه المرة في إجراء حسابات من الداخل وإلقاء اللوم في الإخفاقات على أكتاف منافسيهم. لذلك يمكن التوقع أنه من الآن فصاعدا ستصل مسألة التحدي والصراع المتبادل بين رئيس وزراء النظام الصهيوني ومعارضيه إلى ذروتها، لكن الأكيد هو الاعتراف بالهزيمة والفشل، وهو ما يضطر نتنياهو إلى الاعتراف بها في النهاية”.

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *